أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
عن عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أرْضى اللهَ بسخَطِ الناسِ ، كفاه اللهُ الناسَ ، ومن أسخط اللهَ بِرضى الناسِ، وكلَه اللهُ إلى الناس)ِ
المحدث :الألباني المصدر : السلسلة الصحيحة الصفحة أو الرقم: 2311 خلاصة حكم المحدث : صحيح
التوجيهات
إن من يسعى لرضا الناس بسخط الله عليه ويقصد غير وجه الله-تعالى-أن يتذكر دائماً أن من أهانه الله فلا معز له ومن أكرمه فلا مهين له. قال تعالى : { وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} الحج 18 إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله, وأن تحمدهم على رزق الله, وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله, فإن رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره.
أخوتي: إن إسخاط الله -سبحانه وتعالى- أن تؤثر رضا الناس على رضاه, وذلك إذا لم يقم بقلبك من إعظام الله وإجلاله وهيبته ما يمنعك من استجلاب رضا المخلوق بما يجلب له سخط خالقه, وربه ومليكه, الذي يتصرف في القلوب, ويفرج الكروب, ويغفر الذنوب, وبهذا الاعتبار تدخل في نوع من الشرك لأنك آثرت رضا المخلوق على رضا الله, وتقربت إليه بما يسخط الله, واعلم أنه لا يسلم من هذا إلا من سلمه الله ووفقه لمعرفته ومعرفة ما يجوز على الله من إثبات صفاته على ما يليق بجلاله وتنزيهه تعالى عن كل ما ينافي كماله ومعرفة توحيده من ربوبيته وإلهيته.
وإن مما يغضب الله-سبحانه وتعالى-أيضاً أن تحمد الناس على رزق الله أي على ما وصل إليك من أيديهم بأن تضيفه إليهم وتحمدهم عليه فإن المتفضل في الحقيقة هو الله وحده الذي قدره لك وأوصله إليك, وإذا أراد أمرا قيض له أسبابا ولا ينافي هذا حديث : "من لا يشكر الناس لا يشكر الله", لأن شكرهم إنما هو بالدعاء لهم لكون الله ساقه على أيديهم فتدعو لهم أو تكافئهم لحديث : "ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه"فإضافة الصنيعة إليهم لكونهم صاروا سبباً في إيصال المعروف إليك والذي قدره وساقه هو الله وحده.
وإن مما يغضب الله أيضاً: أن تذم الناس على ما لم يؤتك الله لأنه لم يقدر لك ما طلبته على أيديهم فلو قدره لك لساقته المقادير إليك فمن علم أن المتفرد بالعطاء والمنع هو الله وحده وأنه هو الذي يرزق العبد بسبب وبلا سبب ومن حيث لا يحتسب لم يمدح مخلوقا على رزق ولم يذمه على منع ويفوض أمره إلى الله ويعتمد عليه في أمر دينه ودنياه, قال تعالى : {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }فاطر.
قال شيخ الإسلام- رحمه الله-: "... فإذا أرضيتهم بسخط الله لم تكن موقناً لا بوعده ولا برزقه أي الله فإنه إنما يحمل الإنسان على ذلك إما ميل إلى ما في أيديهم فيترك القيام فيهم بأمر الله لما يرجوه منهم وإما ضعف تصديقه بما وعد الله أهل طاعته من النصر والتأييد والثواب في الدنيا والآخرة فإنك إذا أرضيت الله نصرك ورزقك وكفاك مؤونتهم, وإرضاؤهم بما يسخطه إنما يكون خوفا منهم ورجاء لهم وذلك من ضعف اليقين وإذا لم يقدر لك ما تظن يفعلونه معك فالأمر في ذلك إلى الله لا لهم فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن, فإذا ذممتهم على ما لم يقدر كان ذلك من ضعف يقينك فلا تخفهم ولا ترجهم ولا تذمهم من جهة نفسك وهواك ولكن من حمده الله ورسوله منهم فهو المحمود ومن ذمه الله ورسوله منهم فهو المذموم.
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب
قال ابن رجب-رحمه الله-: فمن تحقق أن كل مخلوق فوق التراب فهو تراب فكيف يقدم طاعة من هو تراب على طاعة رب الأرباب ؟ أم كيف يرضى التراب بسخط الملك الوهاب ؟ إن هذا لشيء عجاب.
نعوذ بالله من سخطه وعقابه، وغضبه، اللهم اغفر لنا ولوالدينا. إنك سميع قريب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين