أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) موقف ربما يمر به الانسان أحيانًا دون أن ينتبه، قد لا تصل القضايا الى القتل ولكن تصل الى مستويات عالية من الحدّة. أولاد آدم كلاهما أُمر بالتزام معين: تقديم القربان طاعة لله سبحانه وتعالى، والطاعة أو الأمر الالهي لا بد أن يقوم به المؤمن وفق أكثر الأشياء التي يمكن والمستويات التي يمكن أن يقدمها من الإحسان والإتقان، وربي عز وجل قال في سورة الملك وفي سور أخرى (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) فالإنسان مطلوب منه في كل عمل يقدّمه، أن يقدمه لله سبحانه وتعالى صغيرًا كان أو كبيرًا، أن يتحرى جوانب الاحسان فيه إخلاص النية لله سبحانه وتعالى والصدق الذي هو واحد من مقاصد سورة المائدة (هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)
ليس هناك التزام بمواثيق ووفاء بعقود دون ان يكون هناك صدق، والصدق أول ما يبدأ يبدأ في النيّة وفي القلب ثم يظهر على الأقوال والجوارح والأعمال المختلفة، فهذا الالتزام بالعقد والطاعة والاستجابة للأمر، والأمر الذي حدد ووجه لأولاد أدم عليه السلام كان يقتضي منهما الاخلاص والصدق في النية: التقوى، الأمر الذي يدفع بكل واحد منهما الى يبحث عن أفضل المستويات والإمكانيات في تقديم العمل، هذا قربان فعلى الانسان حين يقدم لله سبحانه وتعالى هذا القربان أو الأضحية أو ما شابه عليه أن يبحث عن أفضل الأشياء، وكذلك الأمر في الزكاة وكذلك في الصدقة (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)
هناك درجات في الانفاق، صحيح ربي سبحانه وتعالى ما أراد أن يكلف الانسان بشيء إلا في حدود إمكانياته وطاقته، فينفق من أوسط ماله حتى لا يصبح هناك نوع من أنواع الضرر، ولكن الايمان درجات ومنازل ومراتب والأعمال مراتب، فإذا ما حاول الانسان أن ينفق من أفضل ما عنده أفضل ممتلكاته أفضل شيء من أمواله، قطعًا هذه الدرجة لا يمكن أن تتساوى مع درجة أخرى أو تتكافئ من إنسان يبحث عن أقل شيء لأجل أن ينفقه، أقل المستويات، الفرق شاسع بينهما! ولذلك في سورة الحج ربي سبحانه وتعالى وقف بنا عند هذه القضية (يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) الأضاحي القرابين الصدقات الطاعات ربي سبحانه وتعالى لا يصله منها شيء، هو الخالق الغني الحميد، نحن الفقراء الى رحمته وقبول أعمالنا منه سبحانه أن نصل الى مرحلة القبول، هنا علينا أن نتحرى التقوى في الأعمال، وتحري التقوى يقتضي منا الصدق والاخلاص وتقديم الأفضل في كل ما نمتلك.
هذه المعادلة البسيطة ما حدثت بين أولاد آدم واحد منهما لم يقدم أفضل ما عنده والآخر تحرى الأفضل فقدمه فكانت النتيجة أن الله عز وجل تقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ذلك القربان. الطرف الذي لم يتقبل منه لم ينظر الى الإشكالية التي حصلت في فعله لم يرجع الى نفسه لم يراجع نفسه وحساباته المختلفة فيتوصل من خلال تلك المراجعة أنه قد أخطأ، والواجب من الإنسان حين يخطئ أن يتراجع ويتوب ويصحح الخطأ حتى تقبل منه التوبة، فعوضًا عن أن يتراجع ويتوب ويستغفر لذنبه ويبحث في موطن الخلل الذي جعل ذلك القربان غير مقبول عند الله سبحانه وتعالى، ترك كل هذا ونظر الى أخيه فقال (لَأَقْتُلَنَّكَ)
وهذه قضية خطيرة جدًا تحدث في بعض الأحيان بين الناس في التنافس في مجالات العمل والأسرة والمجتمع والمجالات المختلفة. الانسان حين يرى شخصًا أفضل منه في أي مجال أو في أي ناحية من نواحي الحياة المطلوب منه لا أن يتوجه اليه بالحسد والرغبة في إسقاط ذلك الانسان والتوهم أنه يمكن أن يرتقي من خلال إسقاطه، بل عليه أن يتوجه الى نقاط الضعف في عمله ونقاط القوة في عمل الآخر فيستفيد منها